أي: الجائع، فالسُّحتُ حرام، يُحمل عليه الشَّرَهُ كشَرَةِ المسحوت المعدة.
وعلى ما قال الليث (١): إنه حرام يلزم منه العار (٢)، يمكن أن يقال: سمي سحتا؛ لأنه يسحت مروءة الإنسان (٣). انتهى كلام الواحدي.
وحاصله: أن السحت حرام خاص، ليس كل حرام يقال له: سُحتُ، بل الحرام الشديد الذي يُذهِبُ المروءة، ولا يُقدِم عليه إِلَّا مَنْ به شَرَهُ عظيم، وجوع شديد، ورشوة الحاكم من هذا القبيل؛ لذلك سماها الله تعالى سحتا.
وإنما جعلنا هذا من القسم الثاني الذي هو الحكم بالباطل؛ لقول الحسن (٤): إنهم كذبوا في دعواهم، وعلى هذا يكون من تبديل أحكام الله تعالى، ويكونون قد سمعوا الكذب وأكلوا السُّحتَ، وحكموا بما لم ينزل الله، فكلُّ مَنْ فعل هذا من حكام المسلمين فقد [ضاهى](٥) حكام اليهود الذين نزل فيهم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (٦)، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ﴾ (٧)، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (٨).
وتفسير الواحدي السُّحتَ بالرشوة في الحكم من غير تقييد بالحكم بالباطل يشمل الأمرين، فيدخل فيه القسم الأول أيضا، ونحن قدمنا أن تسمية الأول بالرشوة متمكّن؛ لمشاركته الرشاء في التوصل إلى شيء صحيح
(١) هو الليث بن سعد. (٢) ينظر: العين ٣/ ١٣٢، تهذيب اللغة ٤/ ١٦٦، (سحت). (٣) ينظر: التفسير البسيط ٧/ ٣٨٢ - ٣٨٤. (٤) هو الحسن البصري. (٥) في الأصل: (ظاها)، والذي يظهر ـ والله أعلم ـ: أن صواب الكلمة: (ضاهي). (٦) سورة المائدة، جزء من الآية رقم (٤٤). (٧) سورة المائدة، جزء من الآية رقم (٤٥). (٨) سورة المائدة، جزء من الآية رقم (٤٧).