ويمكن القول أن أبا عبد الله التميمي هو نموذج من الأعلام الذين وصلتنا آثارهم وأهملت أصحابها كتب التراجم، لأسباب من أظهرها: فقدان كتب التراجم التي أرخت للعصر الذي عاشوا فيه، وغالبها لعلماء معاصرين لهم (١)، مما جعل كتب التراجم اللاحقة تهملهم أيضا لعدم وجود تلك المصادر التي انفردت بأخبارهم وتراجمهم، ولعل حادثة التتار المشؤومة، بل قل المصيبة العظمى التي حلت ببلاد المشرق العزيزة، كان لها دور كبير في إضعاف الحركة العلمية في المشرق، وفي ضياع كتب نادرة في التراجم؛ التي لو بقيت ما خبطنا خبط عشواء في تاريخنا وأعلام أمتنا.
ولا ضير أن أسرد هنا، وأنا بصدد الحديث عن تمهيد عام حول ترجمة المؤلف، بعضا من كتب التاريخ والتراجم المفقودة التي يعز وجودها، ويظن ظنا غالبا أنها ذكرت مترجمنا أبا عبد الله التميمي أو ترجمته، لا سيما أن الرجل عاش بالبصرة، ودخل واسط وبغداد وأصفهان، ونيسابور، وساوة، وأسداباذ، وهي مدن كانت لها الريادة العلمية في زمانه، ولا شك أن الداخل إليها والخارج منها قد سطر اسمه في تواريخها، وأذكر فيما يأتي بعض التواريخ التي وقفت على أسمائها مؤرخة للمدن التي عاش فيها المصنف أو التي زارها، وهي:
• تاريخ البصرة: لعز الدين أبي حفص عمر بن علي بن دهجان البصري المالكي، وهو من وفيات القرن السابع الهجري، وقد ذكره ابن العديم، وابن حجر، وحاجي خليفة (٢).
• الذيل على تاريخ واسط لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن الطيب الجلابي،
(١) يبدو أن هذا السبب كان من أهم الدواعي لجهالة العديد من الأعلام، بما فيهم مترجمنا، وقد أيد هذا الرأي جماعة من المشايخ الفضلاء منهم شيخنا الفاضل الدكتور عبد اللطيف الجيلاني، والدكتور جمال عزون، والدكتور محمد عزر شمس. (٢) انظر بغية الطلب في تاريخ حلب: (٤/ ١٩٣١) و (٩/ ٣٨٨١، ٤٢٧١)، والدرر الكامنة: (٣/ ١٦٠)، وكشف الظنون: (١/ ٢٨٧).