وقال ابن سينا وأبو هاشم ووالده أبو علي: إنه حقيقة (١).
وفي المسألة مذهبٌ ثالث: أن معنى المشتق منه إنْ كان مما يمكن بقاؤه كالقيام والقعود (٢) - اشترط بقاؤه (٣) في كون المشتق حقيقةً وإلا (٤) فلا. حكاه الآمدي (٥)، والإمام ذكره بحثًا من جهة الخصم ثم أجاب عنه: بأن أحدًا من الأمة لم يقل بهذا الفرق (٦) فيكون باطلًا (٧).
واعلم أنَّ محل الخلاف في المسألة إنما هو في صِدْق الاسم فقط، أعني: هل يسمى مَنْ ضَرَبَ أمسِ الآن بضارب؟ وهو أمر راجع إلى اللغة، وليس النزاع في نسبة المعنى، أعني: في أن زيدًا الضارب أمس هل هو الآن ضارب؟ فإن ذلك لا يقوله عاقل (٨).
وإذا تبين أن محل النزاع إنما هو في صدق الاسم - فاعلم
(١) انظر: نهاية السول ٢/ ٨٢، الحاصل ١/ ٣١١، ٣١٢. (٢) وكالضرب والأكل. انظر: أصول الفقه لأبي النور زهير ٢/ ٢٢١. (٣) أي: بقاؤه إلى حالة الإطلاق. (٤) أي: وإن لم يمكن بقاؤه كالكلام والخبر والقول، وهي من المصادر السَّيَّالة التي لا تجتمع أجزاؤها في الوجود. انظر أصول الفقه لأبي النور زهير ٢/ ٢٢١، وشرح الكوكب ١/ ٢١٧. (٥) انظر: الإحكام ١/ ٥٤، وشرح الكوكب ١/ ٢١٧. (٦) وهو أنه إن كان معنى المشتق منه يمكن بقاؤه فيشترط، وإلا فلا. (٧) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٣٣٤، ٣٣٥. (٨) يعني: ليس النزاع في نسبة المعنى، وهو نسبة الفعل الماضي إليه في الحاضر، بل في التسمية له بما صدر منه سابقًا.