وهذا ما قال النووي في أوائل باب الربا في (١)"شرح المهذب": إنه الصحيح عند أصحابنا (٢). أعني: انتفاء الأحكام. قال صاحب الكتاب: والأَوْلى أن نُفَسِّر التوقف بعدم العلم، أي: بأن لها حكمًا قبل ورود الشرع، ولكنا لا نعلم ما هو. وعلَّل ذلك: بأن الحكم قديم عند الشيخ، فتفسير التوقف بعدم الحكم يلزم منه أن يكون الحكم حادثًا، وهو خلاف مذهبه.
ثم استشعر المصنف سؤالًا فأجاب عنه، وتقريره: أنَّ الحكم وإنْ كان قديمًا عند (٣) الشيخ لكن تعلقه حادث؛ لأنه متوقف على بعثة الرسل، والمراد بأنه لا حكم قبل ورود الشرع: أنه لا تعلق، فلا يكون تفسير التوقف بعدم الحكم مخالفًا لمذهب الشيخ (٤).
وتقرير جوابه: أن التعلق عند الشيخ لا يتوقف على البعثة؛ لتجويزه التكليف بالمحال، فيجوز أن يتعلق الحكم بأفعال المكلفين قبل ورود الشرع مع عدم شعورهم بذلك.
ولقائل أن يقول: هذا حينئذ تكليف الغافل، لا تكليفٌ بالمحال، (والشيخ إنما يجوز الثاني، ثم إن الشيخ لا يقول بوقوع التكليف
(١) في (ت): "من". (٢) انظر: المجموع ٩/ ٣٩٥. (٣) سقطت من (غ). (٤) لأن عدم الحكم - كما بيَّن - معناه عدم التعلق، فلا ينافي قولُنا بعدم الحكم - مذهبَ الشيخ في قِدَم الحكم.