وأيضًا فالشكر للمَلِك العظيم إنما يكون على وجه لائق بجنابه، وقد لا تهتدي العقول إلى ذلك الوجه اللائق بجلاله سبحانه وتعالى، فيستحق العقاب بسببه.
فإن قلت: لمَّا فسَّر الشكر باجتناب القبيح، وإتيان الحسن عقلًا - اندفع ما ذكرتم؛ للعلم بالشكر اللائق (١) حينئذ، كما هو معلوم بعد ورود الشرع.
قلت: هَبْ أنَّ الأمر كما ذكرت، لكن الإتيان بما ذكرتَ من الشكر يتوقف على استقباح العقل وتحسينه، فربما (٢) يَستقبح الحَسَن، ويستحسن القبيح؛ لأن العقول غير معصومة عن الخطأ.
لا يقال: قد تعارضت الاحتمالات، والمواظبة على الخدمة أنجى من الإعراض والإهمال؛ لأنا نقول: ذلك في مشكورٍ يَسُرُّه الشكر، ويسوءه الكفران، والله تعالى مبرأ (٣) عن ذلك.
الوجه الثاني: أن ما ذكرتم منقوض بوجوب الشكر شرعًا، فلو كان ما ذكرتموه صحيحًا، لم يجب بعين ما قررتم، بأن يقال: لو وجب شكر المنعم شرعًا - لوجب لفائدة، إلى آخر ما أوردتم.
(١) سقطت من (غ). (٢) في (ت): "وربما". (٣) في (ت): "منزه".