تَقْضِي به العقول، إما بالضرورة: كحُسْن الصدق النافع وقُبْح الكذب الضار، أو بالنظر: كحسن الكذب النافع (١)، أو باستعانة الشرع: كحسن صوم آخر يومٍ من رمضان، وقُبْح أول يوم من شوال.
واعلم أنَّ الحسن والقبح قد يُراد بهما: كونُ الشيء ملائمًا للطبع ومنافرًا، أو: كونُ الشيء صفةَ كمالٍ أو صفة نقصٍ، كقولنا: العلم حسن، والجهل قبيح. وبهذا التفسير (٢) لا نزاع في كونهما عقليين، إنما النزاع في كون الفعلِ متعلَّقَ الذمِّ عاجلًا والعقابِ آجلًا (٣)؛ ولذلك قال القاضي في "مختصر التقريب": "إنما المقصد (٤) تحقيق ما يحسن في قضية التكليف ويقبح"(٥).
وتفاصيل هذه المسألة، وحججُ الأصحاب فيها - مبسوطةٌ في الكتب الكلامية (٦)، والمصنف أحال القول (٧) في ذلك على كتابه
(١) قال صفي الدين الهندي حاكيًا مذهب المعتزلة ومُوَافقيهم: "العقل قد يحكم استقلالًا بحسن بعض الأفعال وقبحه، تارة ضرورة: كحسن الصدق النافع، والإيمان، وقبح الكذب الضار. . وتارة نظرًا: كحسن الصدق الضار، أو قبحه، وقبح الكذب النافع، أو حسنه، على قدر اختلاف المضرة والنفع". نهاية الوصول ٢/ ٧٠٦، ٧٠٧. (٢) سقطت من (ت). (٣) أي: يذم في الدنيا، ويعاقب في الآخرة. (٤) في (ت): "القصد". والمُثْبت موافق لما في "التلخيص". (٥) التلخيص ١/ ١٥٤. (٦) انظر: المطالب العالية للرازي ٣/ ٢٨٩، شرح جوهرة التوحيد ص ٤٧. (٧) سقطت من (ت)، و (غ).