أحدهما: أنَّه لوْ لم يكنْ كلُّ مجتهدٍ مصيبًا، لتعين الحكمُ في الواقعةِ قبلَ الاجتهادِ، وحينئذٍ فيكونُ المجتهدُ المخالفُ باجتهادِه لذلك الحكمِ حاكمًا، بخلاف ما أنزل الله فيفسق لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(٢)، أو يكفر بالآية الأخرى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(٣)(٤).
وأجاب بأنَّا لا نسلم أنَّه والحالة هذه يكون حاكمًا، بخلاف ما أنزل الله، فإنَّه لما كان مأمورًا بالحكم بموجب ظنِّه بعد الاجتهاد، فحكمُه به حكمٌ بما أنزل الله، وإن أخطأ في اجتهاده بعدم إصابة ذلك الحكم المتعين (٥).
(١) هذا شروع في الاحتجاج للقائلين أنه ليس لله في الواقعة حكم معين، بل حكمها تابع لظنّ المجتهدين. (٢) سورة المائدة الآية ٤٧. (٣) سورة المائدة الآية ٤٤. (٤) واللازم باطل اتفاقًا، فالملزوم مثله. بمعنى: لكن المخالف ليس بفاسق ولا كافر إجماعًا، فلا يكون في الواقعة حكم معين وهو المطلوب. ينظر الدليل: نهاية الوصول للصفي الهندي: ٨/ ٣٨٥١، وشرح العبري: ص ٦٨١ - ٦٨٢، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: ٤/ ٥٧٢. (٥) ينظر الجواب في: شرح العبري: ص ٦٨١ - ٦٨٢، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: ٤/ ٥٧٢ - ٥٧٣.