المسألتين، وقال النصف الآخر بالحِلِّ فيهما - فقد اتفقوا على اتحاد الحكم في المسألتين، وأنه لا فصل بينهما، فيكون الفصل ردًّا للإجماع.
وجوابه: أنه إنْ عَنِيَ بقوله: "اتفقوا على أنه لا فَصْل بينهما": أنهم نصوا على استوائهما في الحكم وهما مستويان في علة الحكم - فليس كذلك؛ لأنَّ النزاع ليس في هذا. وإنْ أراد أنَّ ذلك لازمه - فليس كذلك؛ لأنه لا يلزم مِنْ عدم التعرض لتحريم التفصيل الحكمُ بتحريمه، واتحادُ الحكم. وهذا عَيْن الدعوى، وأول المسألة (١).
واحتج مَنْ أجاز الفصل مطلقًا: بأنه وقع، ألا ترى إلى ذهاب بعض العلماء إلى أن (الجماع ناسيًا والأكل ناسيًا يفطران (٢)) (٣). وقال بعضهم: لا يفطر واحدٌ منهما (٤). ثم فَرَّق سفيان الثوريُّ - رضي الله عنه - فقال: الجماعِ ناسيًا يفطر، والأكل لا؛ لبُعْد النسيان في الجماع دون الأكل (٥).
(١) يعني: فالاستدلال بعدم التفصيل على حرمة التفصيل مصادرةٌ على المطلوب؛ إذ هو استدلال بمحل النزاع، فنحن لا نسلم أن عدم التفصيل إجماع على حرمة التفصيل. وانظر: نهاية السول ٣/ ٢٨٠. (٢) وهو مذهب ربيعة ومالكٍ رضي الله عنهما، ويجب على الناسي القضاء دون الكفارة. انظر: بداية المجتهد ١/ ٣٠٣، شرح الزرقاني على خليل ٢/ ٢٠٥، المجموع ٦/ ٣٢٤. (٣) في (ص): "الجماع ناسيًا يُفطر، والأكل ناسيًا يُفطر". (٤) وبه قال الحسن البصريّ، ومجاهد، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وغيرهم. انظر: المجموع ٦/ ٣٢٤، الهداية ١/ ١٣٢. (٥) وبه قال عطاء، والأوزاعيّ، والليث، وأحمد، وابن الماجشون من المالكية، إلا أن أحمد وابن الماجشون انفردا بوجوب القضاء والكفارة على مَنْ جامع ناسيًا. انظر: المجموع ٦/ ٣٢٤، المغني ٣/ ٥٦، بداية المجتهد ١/ ٣٠٣، فتح الباري ٤/ ١٦٤.