الصحة أطلق عليه المحدثون الصحة، فلا وجه للقطع والحالة هذه". قال إمام الحرمين: "ثم لو قيل للقاضي: لو رفعوا هذا الظنَّ، وباحوا بالصدق (١) - فماذا تقول؟ - لقال (٢) مجيبًا: لا يُتصور هذا؛ فإنهم لا يَصِلون إلى العلم بصدقه، ولو قطعوا لكانوا مجازفين، وأهل الإجماع لا يجتمعون (٣) على باطل" (٤).
وقال الأستاذ أبو إسحاق: المستفيض ما تتفق عليه أئمة الحديث. وزعم أنه يقتضي العلم نظرًا، والمتواتر يقتضيه ضرورةً. وضَعَّف إمام الحرمين ما قاله الأستاذ: بأن العرف واطراد الاعتياد (٥) لا يقتضي الصدق قطعًا، بل قصاراه غلبة الظن (٦).
والمختار: أن المستفيض ما يعده الناس شائعًا، وقد صَدَر عن أصل (٧)؛
(١) يعني: لو أن الأئمة صَرَّحوا بصدق هذا الخبر، وجزموا بذلك، مع كونه خبر آحاد. (٢) قوله: "لقال" جواب "لو" الأولى في قوله: "ثم لو قيل. . .". (٣) في (ت)، و (غ): "لا يجمعون". (٤) انظر: البرهان ١/ ٥٨٤ - ٥٨٥. (٥) في (ص): "الاعتبار". وهو خطأ. (٦) انظر: البرهان ١/ ٥٨٤. (٧) قال البناني رحمه الله تعالى: "الأصل: هو الإمام الذي ترجع إليه النَّقَلة". حاشية البناني ٢/ ١٢٩. ويقصد بالإمام: الراوي الأصل الذي روى عنه مَنْ بعده. وفي نشر البنود ٢/ ٣٦: "وفسر السبكي المستفيض: بأنه الشائع عن أصل، أي: إسناد. فخرج الشائع لا عن أصل".