بالنسبة إليه؛ لما في إقدامه عليه مِنْ تبيين الجواز، كما قدمناه. والذي يظهر أنه لا يُقْدِم على فعله؛ إذ في القول مندوحة عن الفعل. وإذا انتفى المحرم والمكروه - انحصر الأمر في الواجب والمندوب والمباح، والأصل عدم الوجوب والندب (١)، فلم يبق إلا (٢) الإباحة.
وأجاب: بأن الغالب على فِعْله الوجوب أو الندب (٣)، فيكون الحمل على أحدهما أولى؛ لأن إلحاق الفرد بالأعم الأغلب أرجح وأولى من إلحاقه بخلاف ذلك.
ولقائل أن يقول: الوجوب والندب وإنْ كانا غالبًا إلا أنا لا (٤) نسلم أنه يقاوم الأصل الذي أشرنا إليه، بل الأصل أولى.
قال:(وبالندب: بأن قوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٥) يدل على الرجحان، والأصل عدم الوجوب).
واحتج (٦) القائل بالندب بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، والاستدلال بهذه الآية يُقَرَّر على أربعة أوجه: ثلاثة منها
(١) لأن رفع الحرج عن الفعل والترك ثابت، وزيادة الوجوب والندب لا تثبت إلا بدليل ولم يتحقق. انظر: نهاية السول ٣/ ٢٣. (٢) في (ت)، و (غ): "غير". (٣) في (ص): "والندب". (٤) في (ت) بياض بالسطر. (٥) سورة الأحزاب: الآية ٢١. (٦) في (ت): "احتج".