وقالت طائفة: إنها حقيقة فيما ينطلق عليه الاسم: وهو القدر المشترك بين مسح جميع (٢) الرأس وبعضها؛ لأنها تارة تأتي لمسح الكل، وتارة للبعض، كما تقول: مسحت برأس اليتيم. ولم تمسح منها إلا البعض. فإن جعلناه حقيقةً فيهما - لزم الاشتراك. أو في أحدهما - لزم المجاز في الآخر. فنجعله حقيقةً في القدر المشترك؛ دفعًا للاشتراك والمجاز الَّذَيْن هما على خلاف الأصل. ونقل الإمام هذا المذهب عن الشافعي رحمه الله (٣). قال المصنف هنا:"وهو الحق"، والذي جزم به في تفسير الحروف تبعًا للإمام: أنها للتبعيض، تفيد مسح بعض الرأس (٤). وهو المحكي عن بَعْض الشافعية (٥).
(١) وإليه ذهب أحمد رضي الله عنه وأصحابه، والباقلاني، وابن جني، رحمهم الله تعالى. انظر: العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٥٩، شرح الكوكب ٣/ ٤٢٣، البحر المحيط ٥/ ٧٢، المحصول ١/ ق ٣/ ٢٤٦، المدونة ١/ ١٦، الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٨٧. (٢) في (ص)، و (غ): "كل". وفي (ت) وضعت "كل" فوق "جميع". فلعلهما نسختان جُمع بينهما. (٣) انظر: المحصول ١/ ق ٣/ ٢٤٧، نهاية الوصول ٥/ ١٨٢١، الإحكام ٣/ ١٤. وهو مذهب القاضي عبد الجبار رحمه الله تعالى. انظر: المعتمد ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩. (٤) هذا المناقض لم يقع فيه الإمام؛ لأنه لم يرجِّح هنا خلاف ما جزم به هناك، ولذلك قال الإسنوي رحمه الله تعالى: "والإمام وإن كان قد جزم به هناك (أي: أن الباء للتبعيض في باب تفسير الحروف) لكنه لم يصرح بعكسه هنا، كما صَرَّح به المصنف، بل نقله عن الشافعي فقط". نهاية السول ٢/ ٥٢٣. (٥) انظر: المحصول ١/ ق ٣/ ٢٤٦، البرهان ١/ ١٨٠، نهاية السول ٢/ ٥٢٣.