وقال آخرون بمَنْع استثناء أكثرِ الجملةِ منها إذا كان المستثنى جملةً، نحو: جاء إخوتك العشرة إلا سبعة. وتجويز استثنائهم تفصيلًا وتعديدًا نحو: إلا زيدًا منهم، وبكرًا، وخالدًا، إلى أن يأتي السبعة. حكاه الأستاذ أبو محمد الحسن بن عيسى العارض المعتزلي في كتابه "النكت" في أصول الفقه - عن بعض شيوخ النحو من أهل عصره (١).
واعلم أن (٢) الكلام في الاستثناء من العدد مبني على صحته، وللنحاة فيه مذاهب:
أحدها: أنه لا يجوز، وصححه ابن عُصْفور (٣).
والثاني: وهو المشهور، الجواز (٤).
والثالث: إنْ كان المستثنى عَقْدًا من العقود (٥) لم يجز، نحو: عشرين إلا
= بينهما في مأخذ الخصم. انظر: نهاية الوصول ٤/ ١٥٣٤. (١) انظر: البحر المحيط ٤/ ٣٩١. (٢) سقطت من (ت)، و (ص). (٣) وحجته أنها نصوص، فالإخراج منها يُخرجها عن النصية، ألا ترى أنك إذا قلت: ثلاثة إلا واحدًا - كنت قد أوقعت الثلاثة على الاثنين، وذلك لا يجوز، بخلاف قولك: جاء القوم إلا عشرة. وأجاب عن قوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}: بأن الألْفَ لما كان يستعمل للتكثير، كقولك: اقعد ألف سنة، تريد بها زمنًا طويلًا - دخل الاحتمال، فجاز أن يبين بالاستثناء أنه لم يستعمل للتكثير. وصحح أبو حيان مذهب ابن عصفور. انظر: البحر المحيط ٤/ ٣٩٢. (٤) قال الزركشي: وعليه بنى الفقهاء مذاهبهم في الأقارير وغيرها انظر: البحر المحيط ٤/ ٣٩٢. (٥) العقود عند العرب هي الآحاد، والعشرات، والمئات، والألوف. والمعنى: إذا كان المستثنى واحدًا، أو عشرة، أو مائة، أو ألفًا؛ لأنه اشترط في المستثنى كونه عقدًا =