والثاني: العام الذي أريد به غالبُ الأفراد، ونُزِّل الأكثرُ فيه منزلةَ الكل، فهو مراد به العموم أيضًا.
والثالث: ما لم ينزل الأكثر فيه منزلةَ الكل، ولكن الكثرة فيه موجودة (١).
والرابع: ما المراد به القليل، كقوله:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ}(٢).
وهذا أخذته من كلام الشافعي - رضي الله عنه - في "الرسالة" فإنه قال: "باب ما نزل من الكتاب عامَّا يراد به العامُّ (ويدخله الخصوص)(٣) "، وقوله: يراد به العام أي: الكثرة الغالبة، فلا يناقضه قوله:"ويدخله الخصوص". ومثاله:{الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا}(٤)، وقد ذكره الشافعي في أثناء الباب، فكأنه جعلهم كلَّ أهل القرية (٥).
وقال الشافعي في أول الباب: قال الله تعالى جل ثناؤه: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}(٦)(٧)، وقال: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
(١) فالأكثر: يكون بالزيادة على النصف، والكثرة تكون بالنصف، وأقل منه. (٢) سورة آل عمران: الآية ١٧٣. (٣) سقطت من (ت)، و (ص). (٤) سورة النساء: الآية ٧٥. (٥) أي: فكأنه جعل أكثر أهل القرية الظالمين في حكم الكل؛ لأنه عَبَّر عن الأكثر بالاستغراق {الظَّالِمِ أَهْلُهَا} فـ "أهل" نكرة مضافة فتعم، والمراد بالقرية مكة المكرمة. (٦) سورة الأنعام: الآية ١٠٢. (٧) في (غ): {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}.