قوله:"والفرق" التخصيص شديد الشَّبَه بالنسخ، وقد فَرَّق بينهما المصنفُ: بأن التخصيص دائمًا لبعض الأفراد، والنسخ قد يكون لكل الأفراد. وقضية هذه التفرقة أن يكون النسخ أعم من التخصيص. وفي بعض نسخ الكتاب:"والنسخ عن الكل" بحذفِ: "قَدْ يكون"، ويَرِد على هذه النسخة: أن إخراج البعض بعد العمل نسخ (١).
وأما جَعْلُ النسخِ أعمَّ فهو مغايرٌ لما اختاره الإمام، فإنه قال:"النسخ لا معنى له إلا تخصيصُ الحكم بِزمانٍ مُعَيَّنٍ بطريقٍ خاص، فيكون الفرقُ بين التخصيص والنسخ فرقَ ما بين العام والخاص (٢) "(٣). وما ذكره الإمام في النسخ قد ساعده عليه الأستاذ، فإن إمام الحرمين قال في كتاب النسخ:"صَرَّح الأستاذ بأن النسخ تخصيصٌ في الزمان"(٤).
(١) انظر: نهاية السول ٢/ ٣٧٨. (٢) أي: أن الإمام يرى أن التخصيص أعم، والنسخ أخص؛ لاُن التخصيص إخراج بعض العام، وهذا شامل لإخراج بعض عموم الزمان، وبعض عموم الأعيان. قال القرافي في "تنقيح الفصول": "وقال الإمام: والتخصيص كالجنس للثلاثة؛ لاشتراكها في الإخراج، فالتخصيص والاستثناء: إخراج الأشخاص، والنسخ: إخراج الأزمان". ثم قال في الشرح: "والصواب أن نقول: الإخراج جنس للثلاثة: التخصيص، والنسخ، والاستثناء؛ فإن الشيء لا يكون جنسًا لنفسه، فإذا قلنا: التخصيص جنس للثلاثة - لزم أن يكون التخصيص جنسًا لنفسه، وهو محال". انظر: شرح التنقيح ص ٢٣٠، ٢٣١. (٣) انظر: المحصول ١/ ق ٣/ ٩، ١٠. (٤) انظر: البرهان ١/ ١٢٩٤.