قلنا: قالت النحاة: لا يستثنى المعرفة من النكرة، إلا إنْ عَمَّت، نحو: ما قام أحدٌ إلا زيدًا، أو تخصصت نحو: قام رجال كانوا في دارك إلا زيدًا منهم (١). وليس في قولكم: أكرم رجلًا إلا زيدًا - واحد من الأمرين. وأما الأزمنة والأمكنة والأحوال فإنما ذلك لتقديرٍ (٢)، لأنك تُقَدِّر: صَلِّ كل وقت، وصل في كل مكان، ولتأتنني به (٣) في كل حالة، فالاستثناء بعد ذلك إنما ورد على داخلٍ في اللفظ (٤) والله أعلم.
قال:(وأيضًا استدلال الصحابة بعموم ذلك، مثل:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} (٥)، {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}(٦)، "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله"، "الأئمة من قريش"، "نحن معاشر الأنبياء لا نورث"، شائعًا من غير نكير).
الوجه الثاني من الاستدلال: أن الصحابةَ رضي الله عنهم استدلت بعموم بعض هذه الصيغ، أو بعضَهم (٧)، وشاع ولم يُنكر فكان إجماعًا.
(١) فقوله: كانوا في دارك، صفة خصصت: رجال، فليس المراد كل الرجال، بل الرجال الذين في دارك. (٢) يعني: العموم مستفاد من اللفظ المقدَّر، لا من ذات قوله: صل. (٣) سقطت من (ت). (٤) يعني: فكانت الكلمة المقدرة هي المستثنى منه، فلأجل ذلك جاز الاستثناء: صل كل وقت إلا وقت الاستواء. صل في كل مكان إلا مكان الحمام. لتأتنني به في كل حالة إلا حالة الإحاطة بكم. (٥) سورة النور: الآية ٢. (٦) سورة النساء: الآية ١١. (٧) أي: أو بعض الصحابة.