أجاب: بأن الفورية لم تُسْتَفَد من الأمر، بل من قوله:{وَسَارِعُوا}، يعني: من جوهر اللفظ (١)؛ لأن لفظ المسارعة دال عليه (٢) كيف ما تَصَرَّف (٣)، بل لمُبَاحِثٍ أنْ يَقْلِب هذا الدليل ويستدل به على عدم الفورية (٤)؟ ، لأن المسارعةَ: مباشرةُ الفعل في وقتٍ مع جواز الإتيان به في غيره.
ولقائلٍ أن يقول: لا نسلم تفسير المسارعة بما ذكرتم، بل المسارعة: عبارة عن التعجيل بالفعل المطلوب. كما تقول: سارعت إلى إنقاذ الغريق، وإنْ كانت المبادرة إلى ذلك واجبة. وذلك أعم من أن يجوز مع ذلك فعلُه في وقتٍ آخر أم لا.
تم قولكم: الفوريَّة لم تُسْتفد من الأمر بل من مادة {وَسَارِعُوا} فيه (٥) تسليمٌ لوجوب فعل المأمورات الشرعية على الفور، بما دلَّ على ذلك من قوله:{وَسَارِعُوا}(٦). فحاصل ما أجبتم به أنكم سلمتم ثبوت الفَوْر في المأمورات، ولكنكم (٧) قلتم: إنَّ ذلك ليس من مدلول الأمر بل مِنْ دليلٍ منفصلٍ، وهذا يحصل به معظم مقصود الخصم؛ إذ الغرض الأعظم إنما هو
(١) أي: من حروف اللفظ وهي مادة: سَارِعوا، لا من صيغة الأمر. (٢) أي: على الفور. (٣) أي: سواء كان ماضيًا، أم مضارعًا، أم أمرًا. (٤) في (ص): "الفور". (٥) سقطت من (ت). (٦) لأن جميع المأمورات الشرعية مأمور بالمسارعة إليها. (٧) في (ص)، و (غ)، و (ك): "ولكن".