(وفي صحة الجواب نظرٌ من جهة أنه قد يُمْنع أنَّ الجزاء يحصل عَقيب الشرط، وليس هنا ما يُتخيل دلالتُه عليه إلا الفاء في قوله:{فَقَعُوا}، وهي لا تدل عليه إلا إنْ كانت للتعقيب، وقد نَصَّ النحاةُ على أنها إذا وقعت جوابًا للشرط لا تقتضي تعقيبًا)(١)(٢).
وقال (٣) بعضهم: إنَّ في الآية قرينةً أخرى وهي فِعْلُ الأمر في قوله: {فَقَعُوا}، إذ هو العامل في "إذا"؛ لأنها ظَرْفٌ والعامل فيها جوابها، فصار التقدير: فقعوا له ساجدين وقت تسويتي إياه. وهذا صحيح على رأي الجمهور القائلين بأن العامل في إذا جوابها، ولكن قال بعض البصريين: إنَّ العامل فيها ما يليها (٤) حكاه شيخنا أبو حيان في "البحر المحيط" عند قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا}(٥)، وهو متجه في هذه الآية؛ لأن ما بعد الفاء لا يجوز أن يعمل فيما (٦) قبلها (٧)، فكيف
(١) سقطت من (ت)، و (غ)، و (ك). (٢) الفاء إنما تكون للتعقيب مع الترتيب إذا كانت عاطفة، أما فاء السببية، والواقعة في جواب الشرط فلا تقتضي تعقيبًا. انظر: مغني اللبيب ١/ ١٨٣ - ١٨٧. (٣) في (ك): "ثم قال". (٤) وهو فِعْل الشرط المتصل بها. (٥) سورة البقرة: الآية ١١. (٦) سقطت من (ت). (٧) فقوله: {فَقَعُوا} واقع بعد الفاء، وما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، و"إذا" قبل الفاء، فلا يعمل فيها {فَقَعُوا}. قال: المُبَرِّد: وفاء السببية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. انظر: قطر الندى ص ١٩٤، باب الاشتغال. والفاء الجزائية هي الفاء السببية؛ لأن الشرط سبب، والمشروط مُسَبَّب.