ليس على التعجيل (١). قال: والجملة إنَّ قوله: "افعل" ليس فيه عندنا دليل إلا على طلب الفعل فحسب، من غير تعرض للوقت.
قلت: وعلى هذا التفسير فهذا الذهب هو المذهب الأول بعينه.
والمذهب الرابع: الوقف؛ إما لعدم العلم بمدلوله؛ أوْ لأنه مشترك بينهما. وهو الذي عَبَّر عنه المصنف بقوله:"وقيل: مشترك"، وكان الأحسن أن يقول: وقيل: بالوقف؛ ليشمل هذين الاحتمالين (٢). على أنَّ صفي الدين الهندي نقل أنَّ منهم مَنْ تَوَقَّفَ فيه تَوَقُّفَ الاشتراك (٣).
ثم افترقت الواقفية: فمِنْ قائل: إذا أتى بالمأمور به في أول الوقت كان ممتثلًا قَطْعًا، وإنْ أخَّر عن الوقت الأول لا يُقْطع بخروجه عن العُهْدة (٤). واختاره إمام الحرمين في "البرهان"(٥).
ومن قائلٍ: إنه وإن بادر إلى فعله في أول الوقت لا يقطع بكونه ممتثلًا، وخروجِه عن العهدة؛ لجواز إرادة التراخي (٦) (نقله الآمدي، وابن
(١) يعني: فلو تعجَّل فلا بأس. قال عبد العزيز البخاري: "ومعنى قولنا: على الفور - أنه يجب تعجيل الفعل في أول أوقات الإمكان. ومعنى قولنا: على التراخي - يجوز تأخيره عنه، وليس معناه: أنه يجب تأخيره عنه، حتى لو أتى به فيه لا يُعتد به؛ لأن هذا ليس مذهبًا لأحد". كشف الأسرار ١/ ٢٥٤. (٢) أي: احتمال عدم العلم بمدلوله، واحتمال الاشتراك. (٣) عبارته في نهاية الوصول ٣/ ٩٥٤: "وأما الواقفية: فمنهم من تَوَقَّفَ فيه تَوَقُّفَ الاشتراك. ومنهم من تَوقَّفَ فيه توقُّفَ اللادراية". (٤) وهؤلاء هم مقتصدو الواقفية. (٥) انظر: البرهان ١/ ٢٣٢، أي: أن إمام الحرمين يتوقف في المؤخِّر فقط. (٦) هؤلاء هم غلاة الواقفية. قال إمام الحرمين رحمه الله تعالى: "وأما الواقفية فقد =