ومن الناس من أجاب عن هذا: بأن العدد كما لا يدل على نَفْي الحكم عما عداه لا يدل على إثباته، بل هو (١) مسكوت عنه، فلعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك رجاءً لحصول الغفران لهم، بناءً على حكم الأصل؛ إذْ كان جواز المغفرة ثابتًا قبل نزول هذه الآية.
(وقال الغزالي: الأظهر أن هذا (٢) الخبر غير صحيح؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أعرف الخلق بمعاني الكلام، ولفظ:"السبعين" إنما جرى مبالغةً في اليأس وقطعًا للطمع عن الغفران؛ فإن العرب تستعمله في ذلك كقول القائل: اشفع أو لا تشفع لو شفعت سبعين مرة لما أفاد) (٣)(٤) وقول الغزالي:
= - صلى الله عليه وسلم - قال لما نزلت هذه الآية: أسمع ربي, قد رخَّص لي فيهم، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم. . .". انظر: تفسير ابن جرير ١٤/ ٣٩٦ - ٣٩٧. وفي رواية أخرى أخرجها ابن جرير في التفسير ١٤/ ٣٩٥, ٣٩٧: "لأزيدنَّ على السبعين"، وأخرجها ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور ٤/ ٢٥٣ - ٢٥٤. والحديث مخرَّج في الصحيحين بلفظ: "وسأزيده على سبعين". انظر: صحيح البخاري ٤/ ١٧١٥، ١٧١٦، كتاب التفسير، باب: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}، وباب: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}، رقم ٤٣٩٣، ٤٣٩٥. صحيح مسلم ٤/ ٢١٤١، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، رقم ٢٧٧٤. (١) أي: ما عدا العدد. (٢) سقطت من (ص). (٣) سقطت من (ت). (٤) انظر: المستصفى ٣/ ٤٢١، وعبارته في المنخول ص ٢١٢: "على أنَّ ما نُقل في آية الاستغفار كذب قطعًا؛ إذ الغرض منه التناهي في تحقيق اليأس من المغفرة، فكيف =