فإنَّ مفردات هذا النوع من المجاز كلها مستعملة في موضوعاتها، وإنما التجوز في إسناد بعضها إلى بعض، وذلك حكم عقلي، ألا ترى أن "أشاب" و"الصغيرَ" مستعملان في موضوعيهما، وكذلك:"أفنى" و"الكبير"، لكن إسناد "أشاب" و"أفنى" إلى "كر الغداة ومر العشي" هو الذي وقع فيه التجوز؛ لكونهما مسندَيْن إلى الله تعالى في نفس الأمر. ومثْلُه: أنبت الربيعُ البقلَ. والضابط فيه: أنك متى نَسَبْتَ إلى ما ليس بمنسوب إليه لذاته (٣)، بضَرْبٍ من الملاحظة بين الإسنادين (٤) - كان ذلك مجازًا في التركيب. وخرج بهذا القيد الأخير (٥) قولُ الدهري: أنبت الربيعُ البقلَ؛ إذ ذاك (٦) ليس عنده لضرب من الملابسة، بل هو أصليٌّ عنده،
= ما في معناه إلى غير ما هو له عند المتكلم في الظاهر لِعَلاقة. انظر: حسن الصياغة شرح دروس البلاغة للفاداني ص ١٣١، جواهر البلاغة للهاشمي ص ٢٩٦، مختصر المعاني للتفتازاني ص ٣٦. (١) قائل هذا البيت هو قُثَم بن خَبيئَةَ الصَّلَتان العبدي. انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة ص ٥٠١ - ٥٠٢. (٢) فالفعلان: أشاب وأفنى - أُسْنِدا إلى غير ما هو له: وهو كرُّ الغداة ومرُّ العشي، وهما سبب، والذي أشاب وأفنى في الحقيقة هو الله تعالى. (٣) أي: ما ليس بفاعل حقيقي. (٤) أي: بعلاقة بين الإسناد إلى الفاعل الحقيقي، والإسناد إلى الفاعل المجازي. (٥) وهو قوله: بضربٍ من الملاحظة بين الإسنادَيْن. (٦) في (ص)، و (غ)، و (ك): "إذ ذلك".