المسألة أوجهًا: ثالثها التفرقة بين الجمع والسلب (١).
وقد قدمنا أن الفقيه في "المطلب" أخرج نص الشافعي على الحقيقة والمجاز، فليكن المشترك كذلك بطريق أولى (٢).
الثانية: استدل الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام" لاستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه بحديث الأعرابي الذي بال في طائفة (٣) المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما قضى بوله أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذَنوبٍ (٤) من ماء فأهريق عليه، وذلك بالرواية التي جاء فيها:"صبوا عليه ذنوبًا من ماء"(٥) ووجهه: بأن صيغة الأمر توجهت إلى صَبِّ الذنوب،
(١) انظر: الحاوي ١٧/ ٣٠٣. (٢) يعني: إذا حمل الشافعي اللفظ على حقيقته ومجازه - فإنَّ حمله للمشترك على معنييه من بابٍ أولى. (٣) والمراد بطائفة المسجد: ناحيته. والطائفة: القطعة من الشيء. انظر: سبل السلام ١/ ٢٤، والمصباح المنير ٢/ ٢٨، مادة (طوف). (٤) في المصباح ١/ ٢٢٥، مادة (ذنب): "والذَنُوب وَزَان رسول: الدلو العظيمة. قالوا: ولا تسمى ذَنُوبًا حتى تكون مملوءة ماءً، وتذكر وتؤنث، فيقال: هو الذنوب، وهي الذنوب. وقال الزجاج: مذكر لا غير. وجَمْعه ذِناب، مثل: كتاب". وانظر: سبل السلام ١/ ٢٤. (٥) أخرجه البخاري ١/ ٨٩، في كتاب الوضوء، باب ترك النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والناسِ الأعرابيَّ حتى فَرَغ من بوله في المسجد، رقم ٢١٦، وباب صَبِّ الماء على البول في المسجد، رقم ٢١٧، ٢١٨، وباب يُهريق الماء على البول، رقم ٢١٩. وأخرجه مسلم ١/ ٢٣٦، في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، رقم ٢٨٤، ٢٨٥.