أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بظعنهم ونعمهم وشائهم، اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله ﷺ، وقال:(تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء الله).
ثم قال:(من يحرسنا الليلة؟) فقال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول؟ قال:(فاركب) فركب فرسًا له فجاء إلى رسول الله ﷺ، فقال له رسول الله ﷺ:(استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن من قبلك الليلة).
فلما أصبحنا خرج رسول الله ﷺ إلى مصلاه، فركع ركعتين ثم قال:(هل أحسستم فارسكم؟) قالوا: يا رسول الله، ما أحسسناه فثوب بالصلاة، فجعل رسول الله ﷺ يصلي، وهو يلتفت إلى الشِعب حتى إذا قضى صلاته، وسلم، قال:(أبشروا فقد جاءكم فارسكم).
فجعلنا ننظر إلى الشجرة في الشعب فهذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله ﷺ، فسلم فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول الله ﷺ، فلما أصبحت طلعت الشعبين كليهما، فنظرت فلم أر أحدًا، فقال له رسول الله ﷺ:(هل نزلت الليلة؟) قال: لا إلا مصليًا أو قاضي حاجة. فقال له رسول الله ﷺ:(فقد أوجبت فلا عليك ألا تعمل بعدها)(١).
[٦ - قصة المفاجأة والهزيمة]
[أ - الهزيمة]
٦٨٦ - من حديث أنس ﵁ قال:"لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم، فقال القوم: اليوم والله ما نقاتل حين اجتمعنا، فكره ﷺ ما قالوا، ما أعجبهم من كثرتهم"(٢).
٦٨٧ - من حديث جابر بن عبد الله ﵁ قال: "لما استقبلنا وادي
(١) أخرجه أبو داود في الجهاد باب فضل الحرس في سبيل الله تعالى حديث رقم: ٢٥٠١، والنسائي في الكبرى كما أشار إلى ذلك صاحب تحفة الأشراف حديث رقم: ٤٦٥٠، والحافظ ابن كثير في التاريخ: ٤/ ٢٢٥ - ٢٢٦، وأخرجه البيهقي في الدلائل: ٥/ ١٢٦، وإسناد هذا الحديث صحيح، حسنه الحافظ في الفتح: ٨/ ٢٧. (٢) أخرجه الحاكم وصححه، وابن المنذر وابن مردويه وأبو الشيخ وغيرهم: الفتح الرباني: ٢١/ ١٦٩.