وضع على رأسه ترابًا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم؟
قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيًّا بِبُرد رسول الله ﷺ، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائمًا، عليه برده. فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي ﵁ عن الفراش فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا" (١).
[٣ - لجوء الرسول ﷺ وأبي بكر إلى الغار]
١٥٧ - من حديث محمَّد بن سيرين قال: ذكر رجال على عهد عمر ﵁، فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر ﵄، قال: فبلغ ذلك عمر ﵁، فقال: والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر، وليوم من أبي بكر، خير من آل عمر، لقد خرج رسول الله ﷺ لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه، حتى فطن له رسول الله ﷺ، فقال:(يا أبا بكر ما لك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي؟)
فقال: يا رسول الله! أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك، فقال:(يا أبا بكر، لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني)، قال: نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون لي دونك، فلما انتهيا إلى الغار، قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ لك الغار، فدخل واستبرأ حتى إذا كان في أعلاه، ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة، فقال: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الحجرة، فدخل واستبرأ ثم قال: انزل يا رسول الله، فنزل فقال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر" (٢).
(١) أخرجه ابن هشام في السيرة: ١/ ٤٨٣ وإسناده رجاله ثقات وهو مرسل حسن، وأخرجه الطبري في تاريخه: ٢/ ٣٧٣، وأبو نعيم في الدلائل ص: ٦٤، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وله شاهد من حديث ابن عباس رقم: ١٥٥، ١٥٨، وبه يكون الحديث حسنًا. (٢) أخرجه الحاكم في المستدرك: ٣/ ٦ وقال: حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين لولا إرسال فيه لم يخرجاه ووافقه الذهبي، وقال: صحيح مرسل، والحافظ في الفتح: ٧/ ٢٣٧ عن دلائل النبوة للبيهقي من مرسل محمَّد بن سيرين وقال: وذكره أبو القاسم البصري من مرسل ابن أبي مليكة نحوه، وذكر ابن هشام من زياداته عن الحسن البصري بلاغًا نحوه.