يا رسول الله! هلكنا، عطشنا. فقال:(لا هلك عليكم)(١)، ثم قال:(اطلقوا لي غُمري)(٢) قال: "ودعا بالميضأة، فجعل رسول الله ﷺ يصب وأبو قتادة يسقيهم، فلم يعد أن رأى الناس ماءً في الميضأة تكابوا عليها (٣)، فقال: رسول الله ﷺ: (أحسنوا الملأ (٤) كلكم سيروى) قال ففعلوا. فجعل رسول الله ﷺ يصب وأسقيهم، حتى ما بقي غيري وغير رسول الله ﷺ. قال: ثم صب رسول الله ﷺ فقال لي: (اشرب): فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله! قال: (إن ساقي القوم آخرهم شربًا) قال: فشربت. وشرب رسول الله ﷺ. قال فأتى الناس الماء جامين رواءً.
قال: فقال عبد الله بن رباح: إني لأحدث هذا الحديث في مسجد الجامع. إذ قال عمران بن حصين: انظر أيها الفتى كيف تحدث. فإني أحد الركب تلك الليلة. قال: قلت: فأنت أعلم بالحديث. فقال: فمن أنت؟ قلت: من الأنصار. قال: حدث فأنتم أعلم بحديثكم. قال: فحدثت القوم. فقال عمران: لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أحدًا حفظه كما حفظته) (٥) واللفظ لمسلم.
[٢٣ - عودة مهاجري الحبشة وقسمة الرسول لهم من الغنائم]
٥٨١ - من حديث أبي موسى الأشعري ﵁ قال: "بلغنا مخرج رسول الله ﷺ ونحن باليمن. فخرجنا مهاجرين إليه. أنا وأخوان لي. أنا أصغرهما. أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم. إما قال بضعًا وإما قال: ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلًا من قومي قال: فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده. فقال جعفر: إن رسول الله ﷺ بعثنا ها هنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا. فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا. قال: فوافقنا رسول الله ﷺ حين افتتح خيبر فأسهم لنا، أو أعطانا
(١) لا هلك عليكم: أي لا هلاك. (٢) اطلقوا لي غمري: ايتوني به والغمر القدح الصغير. (٣) فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها: أي لم يتجاوز رؤيتهم الماء في الميضأة تكابهم: أي تزاحمهم عليها مكبًّا بعضهم على بعض. (٤) أحسنوا الملأ: الخلق والعشرة. (٥) أخرجه البخاري في المواقيت باب الأذان بعد ذهاب الوقت حديث رقم: ٥٩٥، ومسلم في المساجد باب قضاء الصلاة الفائتة رقم: ٦٨١، وأبو داود في الصلاة باب فيمن نام عن الصلاة أو نسيها رقم:٤٣٧، ٤٣٨.