٦٦٠ - من حديث أسماء بنت أبي بكر ﵄ قالت:"لما وقف رسول الله ﷺ بذي طوى (١) قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده: أي بنية اظهري بي على أبي قبيس (٢) قالت: وقد كف بصره، قالت: فأشرفت به عليه، قال: يا بنية، ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادًا مجتمعًا، قال: تلك الخيل، قالت: وأرى رجلًا يسعى بين ذلك السواد مقبلًا ومدبرًا، قال: يا بنية ذلك الوازع يعني الذي يأمر الخيل، ويتقدم إليها، ثم قالت: قد والله انتشر السواد، فقال: قد والله إذا دفعت الخيل، فأسرعي بي إلى بيتي، فأغطت به، وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، وفي عنق الجارية طوق لها من ورق، فتلقاها رجل، فاقتطعه من عنقها.
قالت: فلما دخل رسول الله ﷺ مكة، ودخل المسجد أتاه أبو بكر ﵁ بأبيه يقوده (٣)، فلما رآه رسول الله ﷺ قال:(هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه)، قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه، قال: فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له:(أسلم)، فأسلم، ودخل به أبو بكر ﵁ على رسول الله ﷺ، ورأسه كأنه ثغامة (٤)، فقال رسول الله ﷺ:(غيروا هذا من شعره)، ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته، فقال: أنشد بالله وبالإِسلام طوق أختي فلم يجبه أحد فقال: يا أخية احتسبي طوقك" (٥).
(١) ذي طوى: موضع معروف قرب مكة. (٢) اظهري بي على أبي قبيس: اصعدي بي على جبل أبي قبيس وهو جبل لأنه كان كفيف البصر. (٣) يقوده: لأنه كان كفيف البصر. (٤) ثغامة: نبت أبيض الزهر والثمر يشبه الشيب. (٥) أخرجه ابن حبان في الموارد: ١٧٠٠، وابن إسحاق في المغازي بسند صحيح رجاله ثقات سيرة ابن هشام: ٢/ ٤٠٥، وقال الهيثمي في المجمع: ٦/ ١٧٣، ١٧٤، رواه أحمد، والطبراني، ورجالهما ثقات، والبيهقي في الدلائل: ٥/ ٩٥ - ٩٦، والحاكم في المستدرك: ٣/ ٤٦ - ٤٧، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.