قال: فأتيت عليًّا، فجئت به أقوده وهو أرمد، حتى أتيت به رسول الله ﷺ، فبصق في عينيه فبرأ، وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب … شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة (١) … كليث غابات كريه المنظرة
أوفيهم بالصاع كيل السندرة (٢).
قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه" (٣).
قال الحاكم في المستدرك: "الأخبار متواترة بأسانيد كثيرة أن قاتل مرحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁، ووافقه الذهبي على ما قال" (٤).
قلت: هذا هو الراجح، لا أن الذي قتله محمَّد بن مسلمة الأنصاري جاء من حديث جابر في عبد الله ﵁، وأخرجه أحمد والحاكم وابن إسحاق كما جاء في السيرة وإسناده صحيح (٥).
قال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات ما نصه: "اختلفوا في قاتل مرحب، فقيل علي بن أبي طالب، وقال ابن عبد البر في كتابه الدرر في مختصر السير، قال محمَّد بن إسحاق: أن محمَّد بن مسلمة هو الذي قتل مرحبًا اليهودي بخيبر، قال وخالفه غيره، فقال: بل قتله علي بن أبي طالب، قال ابن عبد البر: هذا هو الصحيح عندنا، ثم روى ذلك بإسناده عن بريدة وسلمة بن الأكوع.
وقال الشافعي في المختصر نفل النبي ﷺ يوم خيبر محمَّد بن مسلمة سلب
(١) حيدرة: اسم للأسد. (٢) السندرة: مكيال واسع. (٣) أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب غزوة ذي قرد حديث رقم: ١٨٠٧، وقد تقدم في مواطن متعددة انظر رقم: ٥٤٠. (٤) ٣/ ٤٣٧. (٥) أخرجه أحمد: ٣/ ٣٨٥، والحاكم: ٣/ ٤٣٦، وابن هشام: ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤، وإسناده صحيح وقال الهيثمي في المجمع: ٦/ ١٥٠، رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات.