طافية، ورواه الترمذي (١) أيضًا وصححه، وهذا اختلاف يصعب الجمع فيه بينهما، وقد تكلف القاضي أبو الفضل الجمع بينهما، فقال: جمع الروايتين عندي صحيح، وهو أن كل واحدة منهما عوراء من وجه ما؛ إذ العور في كل شيء: العيب، والكلمة العوراء: هي المعيبة. فالواحدة عوراء بالحقيقة، وهي التي وصفت في الحديث بأنها ليست جحراء، ولا ناتئة، وممسوحة ومطموسة. وطافئة - على رواية الهمز - والأخرى عوراء لعيبها اللازم لها لكونها جاحظة، أو كأنها كوكب، أو كأنها عنبة طافية -بغير همز- وكل واحدة منهما يصح فيها الوصف بالعور بحقيقة العرف والاستعمال، أو بمعنى العور الأصلي الذي هو العيب.
قلت: وحاصل كلامه: أن كل واحدة من عيني الدجال عوراء. إحداهما بما أصابها حتى ذهب إدراكها، والثانية عوراء بأصل خلقتها معيبة. لكن يُبعد هذا التأويل: أن كل واحدة من عينيه قد جاء وصفها في الروايات بمثل ما وصفت به الأخرى من العور، فتأمله، فإنَّ تتبع تلك الألفاظ يطول.
و(قوله: جفال الشعر) أي: كثيره. قال ذو الرمة يصف شعر امرأة:
وأسود كالأساود مُسبَكِرًّا (٢) ... على المتنين مُنسدلا جُفالا
وشعر الدجال مع كثرته جعد قطط، وهو الشديد الجعودة، الذي لا يمتد إلا باليد، كشعور السودان، وفي القطط لغتان: الفتح والكسر في الطاء الأولى.