وروى أبو عثمان النَّهدي عن سلمان أنه قال: تداوله في ذلك بضة عشر ربًّا، من ربٍّ إلى ربٍّ حتى أفضى إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
قال غيره: فاشتراه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للعتق من قوم من اليهود بكذا وكذا درهمًا، وعلى أن يغرس لهم كذا وكذا من النخل، يعمل فيها سلمان حتى تدرك، فغرس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ النخل كلها بيده، فأطعمت النخل من عامها.
وأوَّل مشاهده مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخندق، ولم يَفُته بعد ذلك مشهد معه. وقد قيل: إنه شهد بدرًا وأحدًا، والأوَّل أعرف. وكان خيِّرًا فاضلًا حَبرًا عالِمًا زاهدًا متقشفًا. روي عن الحسن أنه قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به، ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.
وذكر ابن وهب، وابن نافع عن مالك قال: كان سلمان يعمل الخوص بيده فيعيش منه، ولا يقبل من أحد شيئًا، قال: ولم يكن له بيت، إنما كان يستظل بالجدر والشجر، وإن رجلًا قال له: ألا أبني لك بيتًا تسكن فيه؟ فقال: ما لي به حاجة، فما زال به الرجل حتى قال له: إني أعرف البيت الذي يوافقك، قال: فصفه لي. فقال: أبني لك بيتًا إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه، وإذا أنت مددت رجليك أصابك الجدار. قال: نعم، فبني له.
وروي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: لو كان الدين في الثريا لناله سلمان (١). وفي رواية: رجال من الفرس (٢). وقالت عائشة رضي الله عنها: كان لسلمان
(١) رواه أحمد (٢/ ٤١٧)، والبخاري (٤٨٩٨)، ومسلم (٢٥٤٦) (٢٣١)، والترمذي (٣٣١٠). (٢) رواه أحمد (٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧).