عمر: ما منعك أن تؤذن؟ قال: إني أذنت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى قبض، وأذنت لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ حتى قبض، لأنَّه كان ولي نعمتي، وقد سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله (١). فخرج فجاهد. ويقال: إنه أذن لعمر ـ رضي الله عنه ـ إذ دخل الشام، فبكى عمر، وبكى المسلمون. وكان بلال خازنًا لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقال عمر: أبو بكر سيدنا، وأعتق بلالًا سيدنا. وتوفي بلال بدمشق، ودفن عند الباب الصغير بمقبرتها سنة عشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: سنة إحدى وعشرين، وهو ابن سبعين.
و(قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبلال: حدِّثني بأرجى عمل عملته (٢) في الإسلام منفعة) هذا السُّؤال إنما أخرجه من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما اطَّلع عليه من كرامة بلال ـ رضي الله عنه ـ بكونه أمامه في الجنة، فسأله عن العمل الذي لازمه حتى أوصله إلى ذلك. وقد جاء هذا الحديث في كتاب الترمذي بأوضح من هذا من حديث بريدة بن الحصيب، قال: أصبح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدعا بلالًا، فقال: يا بلال! بم سبقتني إلى الجنة؟ فما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي، دخلت البارحة الجنَّة فسمعت خشخشتك أمامي. . .، وذكر الحديث. فقال بلال: يا رسول الله! ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، ولا أصابني حدث قط إلا توضأت عنده، ورأيت أن لله تعالى علي ركعتين، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: بهما. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح (٣)، فلنبحث في هذا الحديث.
(١) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (٢٠٩٣٥) وعزاه لعبد بن حميد. (٢) في أصول التلخيص وصحيح مسلم: عملته عندك. . . (٣) رواه الترمذي (٣٦٨٩).