مال، وقد تقدَّم أنها أول من آمن بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ نُبِّئ يوم الإثنين فصلت آخر ذلك اليوم. وكانت عونًا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حاله كله، وردءًا له تثبِّتُه على أمره، وتصدقه فيما يقوله، وتصبِّره على ما يلقى من قومه من الأذى والتكذيب، وسلَّم عليها جبريل ـ عليه السلام ـ وبشرها بالجنة.
وروي من طرق صحيحة أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال فيما رواه عنه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة - رضي الله عنهن - (١).
ومن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون (٢).
وفي طريق آخر عنه: سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم: فاطمة وخديجة (٣). وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحبها ويقول: رزقت حبها (٤). ولم يتزوج عليها إلى أن ماتت. قيل: كانت وفاتها قبل مهاجر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة بسبع سنين. وقيل: بخمس سنين. وقيل: بأربع. وقيل: بثلاث، وهو أصحها، وأشهرها - إن شاء الله تعالى - وتوفيت هي وأبو طالب - عم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنة واحدة. قيل: كان بينهما ثلاثة أيام، وتوفيت في رمضان، ودفنت بالحجون.
و(قوله: خير نسائها: مريم ابنة عمران) هذا الضمير عائد على غير مذكور، لكنه تفسره الحال والمشاهدة، يعني به: الدنيا، وفي رواية: وأشار وكيع
(١) رواه ابن حبان (٢٢٢٢/ موارد)، وأحمد في فضائل الصحابة (١٣٢٥)، والترمذي (٣٨٨٨) من حديث أنس. (٢) رواه أحمد (١/ ٢٩٣)، والحاكم (٣/ ١٦٠)، وانظر الهيثمي في المجمع (٩/ ٢٢٣). (٣) كذا ورد في الأصول: (سيدة) بالإفراد، وذكر بعد مريم: فاطمة وخديجة. وفي سير أعلام النبلاء للذهبي (٢/ ١١٧)، والاستيعاب على هامش الإصابة (٤/ ٢٨٦) وَرَد ذِكْر ثالثة هي: امرأة فرعون. (٤) انظر: صحيح مسلم (٢٤٣٠) (٦٩).