و(قوله: فأتي بثلاثة أقرصة فوضعن على بتي) كذا ضبطه الصدفي، والأسدي بباء واحدة مفتوحة، وبعدها تاء باثنتين من فوقها مكسورة، مشدَّدة، وبعدها: ياء باثنتين من تحتها مشدَّدة، منوَّنة.
قلت:(والبت): كساء من وبر أو صوف. قال الشاعر:
من كان ذا بَتٍّ فهذا بَتِّي ... مُصَيِّفٌ مُقَيِّظٌ مُشَتِّي
وكأن الذي وضعت القرصة عليه منديل من صوف، وكذلك عند ابن ماهان، غير أنه فتح التاء، وعند الطبري:(بُني) بضم الباء، بعدها نون مكسورة مشددة، والياء المشدَّدة. قال الكناني: وهو الصواب، وهو: طبق من خوص. قال ابن وضاح:(بُني): طبق، أو مائدة من خوص، أو حلفاء. ووقع في بعض النسخ:(على نبيء) بتقديم النون مفتوحة، وكسر الباء بواحدة بعدها. وقيل في تفسيره: إنَّه مائدة من خوص. قال ثعلب: النبيئة شيء مدوَّر يعمل من خوص وشريط.
وقسمة النبي - صلى الله عليه وسلم - الأقرصة الثلاثة نصفين يدلّ: على جواز فعل مثل (١) ذلك مع الضيف، بل يدلّ على كرم أخلاق فاعله، وإيثاره الضيف عند قلَّة الطعام، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ الذي قدم إليه كان غداءه؛ فإنَّ أقرصتهم صغار، لا سيما في مثل ذلك الوقت، ومع ذلك فشرك فيه الغير وفاء بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (طعام الواحد كافي الاثنين، وطعام الاثنين كافي الثلاثة)(٢).
(١) من (ج ٢). (٢) رواه أحمد (٣/ ٣٨٢)، ومسلم (٢٠٥٩)، والترمذي (١٨٢٠).