وفي رواية: وأعراضكم - من غير شك - وفيها زيادة: ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما، وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا.
ــ
أمرت بتبليغه لكم، فلا عُذر لكم؛ إذ لم يقع مني تقصير في التبليغ. ويحتمل: أن يكون على جهة استعلام ما عندهم، واستنطاقهم بذلك، كما تقدَّم في حديث جابر، حيث ذكر خطبته - صلى الله عليه وسلم - بعرفة فقال:(وأنتم تسألون عنِّي، فما أنتم قائلون؟ ) قالوا: نشهد: أنك قد بلَّغت، وأدَّيت، ونصحت. فقال بإصبعه - السبابة - يرفعها إلى السماء، ويَنكُتها إلى الأرض (١): (اللهم اشهد - ثلاث مرات -)(٢).
و(قوله: ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما) وإلى جُزَيعَةٍ من الغنم فقسمها بيننا. (انكفأ): انقلب ومال. و (الملحة): أن يكون في الشاة لمعٌ سودٌ، ويكون الغالب البياض. و (الجزيعة): القطيعة. والجزع: منقطع الوادي. ورواية الكافة:(جزيعة) بالزاي. وقد قيَّدها بعضهم:(جذيعة) بالذَّال، وهو وَهمٌ.
قال الدارقطني: قوله: (ثم انكفأ إلى كبشين .. .) الخ، وهم من ابن عون فيما قيل؛ وإنما رواه ابن سيرين عن أنس.
قلت: إنما نسب هذا الوهم لابن عون؛ لأنَّ هذا الحديث قد رواه عن ابن سيرين أيوب السّختياني، وقرَّة بن خالد، وانتهى حديثهما في خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجّه يوم النَّحر عند قوله:(ألا هل بلغت) في رواية أيوب. وزاد قرَّة إلى هذا: قالوا: نعم. قال:(اللهم اشهد). وبعد قوله:(ألا هل بلغت) زاد ابن عون عن ابن سيرين، عن أبي بكرة: ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما .. . الخ. وهذا الكلام إنما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبة عيد الأضحى؛ على ما رواه أيوب وهشام،
(١) في (م)، وصحيح مسلم: الناس. (٢) رواه مسلم (١٢١٨).