وتأليفًا للأغراض المتنافرة عند تعذر الوصول إلى استيفاء الحق لتعذر طرقه. وهذا اللفظ الذي هو:(من عنده) ظاهر في: أن الإبل التي دفع كانت من ماله. وهذا أصحُّ من رواية من روى: أنها كانت من إبل الصَّدقة؛ إذ قد قيل: إنَّها غلط من بعض الرُّواة؛ إذ ليس هذا من مصارف الزكاة.
قلت: والأولى ألا يغلَّط الراوي العدل الجازم بالرواية ما أمكن. ويحتمل ذلك أوجهًا من التأويلات:
أحدها: أنَّه تسلَّف ذلك من مال الصَّدقة؛ حتَّى يؤديها من الفيء.
وثانيها: أن يكون أولياء القتيل مستحقين للصدقة، فأعطاها إياهم في صورة الدِّية، تسكينًا لنفرتهم وجبرًا لهم؛ مع أنَّهم مستحقون لها.
وثالثها: أنَّه أعطاهم تلك من سهم المؤلفة قلوبهم استئلافًا لهم، واستجلابًا لليهود.
ورابعها: قول من قال: إنَّه يجوز صرف الصدقة في مثل هذا؛ لأنَّه من المصالح العامَّة. وهذا أبعد الوجوه؛ لقوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ} الآية.
تفسير غريبه: الفريضة (١): واحدة الفرائض، وهي: النوق المأخوذة في الزكاة والدِّية. وقد فسَّرها في الرِّواية التي قال فيها:(فلقد ركضتني منها ناقة حمراء). وأصل الفرض: التقدير، كما تقدم. ولا معنى لقول من قال: إنَّها المسنة
(١) في حاشية (م) يقال: فرضت الناقةُ تَفْرِضُ وتفرُض: إذا هرمت، وهي فارض وفريضة. قال الله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} [البقرة: ٦٨] والفريضة: واحدة الفرائض المأخوذة في الزكاة والدِّيات.