بإيثار الطَّواعية على الغيرة النفسية. {عَابِدَاتٍ} يقمن لله بما له عليهن من العبادة، وبما لك عليهن من الحرمة والخدمة. {سَائِحَاتٍ} ابن عباس: صائمات، زيد بن أسلم: مهاجرات، من السياحة في الأرض. ويمكن أن يقال: مسرعات إلى ما يرضيك، ذاهبات فيه، فلا يشتغلن (١) بسوى ذلك؛ لأن من ساح في الأرض فقد ذهب فيها، وانقطع إلى غيرها. {ثَيِّبَاتٍ} جمع ثيب. قيل: يعني بذلك: آسية امرأة فرعون. {وَأَبكَارًا} جمع بكر. قيل: يعني بذلك: مريم. وفيه نظر وبُعدٌ.
وما ذكرناه في هذه الآية إشارة إلى المختار. والأقوال فيها أكثر مما ذكرناه. فلنقتصر على ذلك القدر، والله تعالى الموفق (٢).
و(قول عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر دار على نسائه فيدنو منهن) يُستَدَلُّ بهذا لأحد القولين المُتقدِّمين، وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن القسم عليه واجبا. ويمكن أن يصرف عن ذلك؛ بأن يقال: إن ذلك إنما كان يفعله؛ لأنهن كن قد أذن له في ذلك؛ بدليل ما جاء في الأم (٣): أنَّه كان صلى الله عليه وسلم يستأذنهن إذا كان في
(١) في (ج ٢): يستعجلن. (٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ج ٢). (٣) انظر صحيح مسلم، الحديث رقم (١٤٧٦).