فهو لا يتقي فيه ربَّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبث المنازل. ورجل لم يؤته الله مالًا ولا علمًا؛ فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، ووزرهما سواء) (١).
وقد ذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور في هذه الأحاديث إنما هو بغير تضعيف. قال: لأنه يجتمع في تلك الأشياء أفعال أخر، وأعمال كثيرة من البر، لا يفعلها الدَّال الذي ليس عنده إلا مجرد النية الحسنة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم- للقاعد:(أيُّكم خلف الخارج في أهله وماله بخير فله مثل نصف أجر الخارج)(٢)، وقال:(لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما)(٣).
قلت (٤): ولا حجة في هذا الحديث لوجهين:
أحدهما: إنا نقول بموجبه، وذلك أنه لم يتناول محل النزاع، فإن المطلوب (٥) إنما هو: أن الناوي للخير المعوق عنه، له مثل أجر الفاعل من غير تضعيف. وهذا الحديث إنما اقتضى مشاركة ومشاطرة في المضاعف، فانفصلا.
وثانيهما: أن القائم على مال الغازي، وعلى أهله نائبٌ عن الغازي في عمل لا يتأتى للغازي غزوه إلا بأن يكفى ذلك العمل، فصار كأنه يُباشر معه الغزو،
(١) رواه أحمد (٤/ ٢٣١). (٢) رواه مسلم (١٣٨)، وأبو داود (٢٥١٠)، وابن حبان (٤٦٢٩). وما بين حاصرتين مستدرك من مصادر التخريج. (٣) رواه مسلم (١٨٩٦). (٤) بين هذا الباب والباب الذي بعده تحت عنوان: باب البعوث ونيابة الخارج، تداخل في الشرح. (٥) في (ج ٢): الدعوة.