واستعمال السّيوف، والاعتماد عليها، واجتماع المقاتلين حين الزحف، بعضهم لبعض، حتى تكون سيوفهم بعضها يقع على العدوّ، وبعضها يرتفع عنهم؛ حتى كأن السيوف أظلت الضاربين بها، ويعني: أن الضارب بالسيف في سبيل الله يدخله الله الجنة بذلك. وهذا كما قاله في الحديث الآخر:(الجنة تحت أقدام الأمهات)(١)؛ أي: من برَّ أمَّه، وقام بحقها، دخل الجنَّة.
وقوله يوم أحد:(اللهم إن تشأ لا تُعبد في الأرض)؛ هذا منه - صلى الله عليه وسلم - تسليم لأمر الله تعالى فيما شاء أن يفعله، وهو ردٌّ على غلاة المعتزلة؛ حيث قالوا: إن الشرَّ غير مراد لله تعالى. وقد ردَّ مذهبهم نصوص الكتاب، كقوله تعالى:{كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهدِي مَن يَشَاءُ} ومثلها كثير. وفي هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال هذا الكلام يوم أحدٍ. والذي ذكره أهل السير: أن ذلك إنما قاله يوم بدرٍ. وكذلك وقع في بعض روايات مسلم، وسيأتي، ويحتمل: أن يكون قاله في اليومين معًا. والله تعالى أعلم.
* * *
(١) رواه القضاعي في مسند الشهاب (٨٢)، والخطيب في: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٢/ ٢٨٩) من حديث أنس. ورواه أحمد (٣/ ٤٢٩)، والنسائي (٦/ ١١)، وابن ماجه (٢٧٨١)، والحاكم (٤/ ١٥١) بلفظ: "فالزمها فإن الجنة تحت رجليها" من حديث معاوية بن جاهمة.