كلام ابن شهاب: أن الذي استقر عليه أمره - صلى الله عليه وسلم - إنما كان: الفطر في اسفر، وأن الصوم السابق منسوخ.
وهذا الظاهر ليس بصحيح بدليل الأحاديث الآتية بعد هذا؛ فإنها تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام بعد ذلك في السفر، وأصحابه كذلك، وجد فيه. ومن أدل ذلك قول أبي سعيد: ثم لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك في السفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما خرَّجه النسائي عن عائشة: أنها سافرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمرته، فقالت: يا رسول الله! قصرتَ وأتممتُ، وأفطرتَ وصمتُ. فقال:(أحسنتِ يا عائشة! )، وما عابه عليّ (١).
ويمكن أن يحمل قول الزهري: على أنه أراد أن يخبر بقاعدتهم الكلية الأصولية في الاقتداء بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما تحققت فيه المعارضة، لا في هذا الموضع؛ فإنه لم يتحقق فيه المعارضة، والله تعالى أعلم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - لحمزة بن عمرو:(إن شئت صم، وإن شئت فأفطر (٢))؛ نصٌّ في
(١) رواه النسائي (٣/ ١٢٢). (٢) هذا لفظ البخاري، وأحد روايتي مسلم. حيث اختار المصنف -رحمه الله- في التلخيص غيرها بلفظ: "صم إن شئت. . .".