وقيل: إن فتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار علامة على دخول هذا الشهر العظيم للملائكة وأهل الجنة؛ حتى يستشعروا عظمة هذا الشهر (١)، وجلالته.
ويحتمل أن يقال: إن هذه الأبواب المفتحة في هذا الشهر هي: ما شرع الله فيه من العبادات، والأذكار، والصَّلوات، والتلاوة؛ إذ هي كلها تؤدي إلى فتح أبواب الجنة للعاملين فيه، وغلق أبواب النار عنهم.
وتصفيد الشياطين: عبارة عن كسر شهوات النفوس التي بسببها تتوصل الشياطين إلى الإغواء والإضلال، ويشهد لهذا قوله:(الصوم جُنَّة)(٢)، وقوله:(إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش)(٣)، على ما قد ذكر، وقد تقدَّم اشتقاق الشيطان.
وقوله:(فإن أُغمي عليكم فاقدروا له)، في أُغمي ضمير يعود على الهلال، فهو المغمى عليه لا الناظرون. وتقديره: فإن أغمي الهلال عليكم. وأصل الإغماء: التغطية، والغم. ومنه: المغمى عليه؛ كأنه غطي عقله عن مصالحه. ويقال: أغمي الهلال، وغمي - مشدد الميم - وكلاهما مبني لما لم يُسم فاعله. ويقال أيضًا: غمَّ، مبنيًا لما لم يُسم فاعله مشددًا. وكذلك جاءت رواية أبي هريرة. فعلى هذا يقال: أُغمي، وغُمِّي - مخففًا ومشددًا، رباعيًّا وثلاثيًّا -، وغُمَّ، فهي أربع
(١) ما بين حاصرتين ساقط من (هـ). (٢) رواه أحمد (٤/ ٢٢ و ٢١٧)، والنسائي (٤/ ١٦٧)، وابن خزيمة (٢١٢٥)، وابن حبان (٣٦٤٩) من حديث عثمان بن أبي العاص. (٣) رواه أحمد (٣/ ١٥٦ و ٢٥٨)، والدارمي (٢/ ٣٢٠).