وقوله:(مُحَلّقة رءوسهم)، وفي حديث آخر:(سيماهم التحليق)؛ أي: جعلوا ذلك علامةً لهم على رفضهم زينة الدّنيا، وشعارًا ليعرفوا به، كما يفعل البعض من رهبان النصارى، يفحصون عن أوساط رءوسهم. وقد جاء في وصفهم مرفوعًا:(سيماهم التسبيد)(١)؛ أي: الحلق، يقال: سَبَّدَ رأسه، إذا حلقه.
وهذا كلُّه منهم جهل بما يُزهد فيه، وما لا يُزهد فيه، وابتداع منهم في دين الله تعالى شيئًا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدون وأتباعهم على خلافه. فلم يُرو عن واحد منهم: أنهم اتسموا بذلك، ولا حلقوا رءوسهم، في غير إحلال ولا حاجة.
وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعر، فتارة فرقه، وتارة صيَّره جمَّة، وأخرى لِمَّة.
وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(من كانت له شعرة أو جمة فليكرمها)(٢)، وقد كره مالك الحلاق في غير إحرام، ولا حاجة ضرورية.
* * *
(١) رواه أحمد (٣/ ٦٤)، وأبو داود (٤٧٦٦). (٢) رواه أبو داود (٤١٦٣) بلفظ: "من كان له شعر فليُكرِمْهُ".