[٨٠٤]- وَعَن عَائِشَةَ، قَالَت: لَمَّا جَاءَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَتلُ ابنِ حَارِثَةَ وَجَعفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعرَفُ فِيهِ الحُزنُ. قَالَت: وَأَنَا أَنظُرُ مِن صَائِرِ البَابِ (شَقِّ البَابِ) فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ نِسَاءَ جَعفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَن يَذهَبَ فَيَنهَاهُنَّ، فَذَهَبَ فَأَتَاهُ، فَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَم يُطِعنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَن يَنهَاهُنَّ فَذَهَبَ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: وَاللهِ! لَقَد غَلَبنَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَت: فَزَعَمَت أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: اذهَب فَاحثُ فِي أَفوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ. قَالَت عَائِشَةُ،
ــ
والسربال: واحد السرابيل، وهي: الثياب والقُمُص، يعني: أنّهنّ يلطَّخنَ بالقطِرَان، فيصير لهنّ كالقُمُص، حتى يكون اشتعال النار والتصاقها بأجسادهن أعظم، ورائحته أنتن، وألمها بسبب الحر (١) أشدّ.
وقولها (٢): من صائر الباب، قد فسّره في الحديث بشقّ الباب، وهكذا صحّت روايته. قال الإمام: والصواب: صِير الباب - بكسر الصاد -. وفي حديث آخر: من اطلَّع من صِير باب فقد دَمَر (٣)، وهو شَقّ الباب، ودَمَر: دخل بغير إذن. وكون نساء جعفر لم يُطِعن الناهي لهنّ عن البكاء، إمّا لأنه لم يُصرِّح لهن بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهن، فظننَّ منه أنه كالمحتسب في ذلك، وكالمرشد للمصلحة، أو لأنهن غُلبن في أنفسهن على سماع النهي؛ لحرارة المصيبة، والله تعالى أعلم.
وقوله: احثُ في أفواههنّ التراب؛ يدلّ على أنهنّ صرخن؛ إذ لو كان
(١) في (ظ) و (ط): الجرب. (٢) في النسخ: قوله، والصواب ما أثبتناه. (٣) انظره في النهاية لابن الأثير (٣/ ٦٦).