للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القياس على اتحاد علّة الرِّبا، ومراده - هنا - بأهل القياس: الذين ذهبوا إِلى التعليل، لا كلّ من قال: القياس حجّة، ثم نتكلم عليه من أوجه.

منها: أن تعليل ربا الفضل ليس مقطوعًا به عند المحقّقين (١)، وليس منكر تعليله منتسبًا إِلى جحد القياس.

فانظر قوله: "ليس منكر تعليله منتسبًا إِلى جَحْد القياس"، يتضح لك أنه إِنما أراد من قاس في هذا الموضع، لا من قاس مطلقًا.

وقد فهم الشيخ الهِنْدِيّ عنه خلاف ذلك، وليس بِجَيِّدٍ، فلو أراد مطلق من قال بالقياس، [لا ينتهض] (٢) الإِجماع؛ إِذ منكر أصل القياس لا تقدح مخالفته في الإِجماع، كما قرر إِمام الحرمين وغيره.

وقد أنكر الإِمامان: عبد الله بن مَسْعود، وعبد الله بن عباس ربا الفَضْل، وتبعهما من التابعين: عطاء بن أبي رباح، وفقهاء المَكّيين، وكل هؤلاء يقولون: بأن القياس حجّة متبعة، وقاعدة مشروعة (٣).


(١) ينظر: البرهان ١/ ٨٢١.
(٢) في ب: ينهض.
(٣) لا خلاف بين العلماء في أن الرِّبا يكون في البيع أو السلم أو القرض غير أن جمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار يرون أن الرِّبا نوعان. أحدهما: ربا النسيئة، كبيع ذهب بفضة إِلى أجل، أو بيع إِردب قمح بمثله إِلى أجل كذلك.
وثانيهما: ربا الفضل، وهو ما يسمى ربا النقد، كبيع إِردب من البر بإِردب ونصف منه يدًا بيد. وخالف في ذلك ابن عباس وأسامة بن زيد من الصحابة وكذلك ابن عمر حيث قالوا: إِنه لا ربا إِلا في النسيئة، فيحل عندهم أخذ درهم بدرهمين إِذا كان يدًا بيد، وليس التفاضل عندهم بمحرم حينئذ.
هكذا كانوا يقولون، ثم صح عنهم أنهم رجعوا عن ذلك إِلى قول الجمهور.
استدلّ الجمهور بالكتاب والسنة، أما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ ووجه الدلالة فيه أن لفظ الرِّبا عام يتناول جميع أفراد ما يصدق عليه اسم الرِّبا، فيكون الكل محرمًا. وأما السنة: فما ثبت في الصحاح من كتب السنة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله أنه قال: "الذهب بالذهب مثلًا بمثل يدًا بيد، والفضل ربا، والفضة بالفضة مثلًا بمثلٍ يدًا بيد، والفضل =

<<  <  ج: ص:  >  >>