الشرح:"إذا قال: من السّنة كذا، فالأكثر حجّة؛ لظهوره في تحقّقها عنه، خلافًا للكَرْخي" والصَّيرفي، والمحققين؛ كما قال إمام الحرمين (١).
وذكر المَازِرِيّ: أنه القول الجديد للشَّافعي؛ حيث قال: اختلف قول الشَّافعي فيه، فقال في القديم: الظّاهر من هذا أن المراد به سُنّة النبي ﷺ.
وقال في الجديد: هو مجمل ولم يره مسندًا.
قلت: والمعروف عندنا خلافه، وقد قال الشَّافعي في القديم: المرأة تُعَاقل الرجل إلى ثلث الدية - أي: تساويه في العقل - فإن زاد الواجب على الثلث سارت على النِّصف، وذكر أن هذا القول القديم مرجوع عنه، وأن الشافعي قال: كان مالك يذكر أنه السُّنة، وكنت أتابعه عليه، وفي نفسي منه شيء، حتى علمت أنه يريد سُنة أهل "المدينة"، فرجعت عنه، وقال: وقد روى عن سفيان عن أبي الزِّنَاد قال: سألت سعيد بن المسيّب عن الرجل لا يجد ما يُنْفِقُ على امرأته قال: يفرق بينهما (٢).
قال أبو الزناد: قلت: سُنّة؟ فقال سعيد: سُنّة.
قال الشَّافعي: والذي يشبه قول سعيد أن يكون سُنّة رسول الله ﷺ.
وهذان من الشافعي يدلَّان على أن قول ربيعة ومالك من السُّنة ظاهر في أنَّ المراد به سُنّة رسول الله ﷺ، ما لم يقم دليل على أن المراد به سُنّة البلد، أو غير ذلك، ويدلّ أيضًا على أنه لا يختصّ بالصَّحابي، بل يعم كل متكلم على لسان الشرع؛ كسعيد، ومالك، وغيرهما.
(١) البرهان ١/ ٦٤٩ (٥٩٤). (٢) وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن معمر قال: سألت الزهري عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما؟ قال: يستأني له، ولا يفرق بينهما، وتلا: "لا يكلف الله نفسًا إلّا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرًا" [الطلاق: ٧] قال معمر: وبلغني أن عمر بن عبد العزيز قال مثل قول الزهري.