والثانية: غاية لو سكت عنها لم يدلّ اللفظ عليها نحو قوله: ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر﴾ و ﴿رُفِعَ القَلَمُ﴾، وهذه خارجة قطعًا.
والثالث: ما يكون اللّفظ الأول شاملًا لها، وتجري هي مجْرَى التأكيد مثل قولنا: قطعت أصابعه كلها [من الخِنْصَر إلى الإبْهَام؛ فإنه لو اقتصر على قوله: قطعت أصابعه كلّها](١)[الأفاد](٢) الاستغراق، وهي داخلة قطعًا، والمقصود فيها إنما هو تحقيق العموم لا تخصيصه، وكذا: بعتك الأشجار من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة.
وإنما اختلف الأصْحاب فيما إذا قال: بعتك من هذه النَّخْلة إلى هذه النخلة، هل يدخل الابتداء أو الانتهاء، أو لا يدخل واحد منهما؛ لأنه لم يتقدم لفظ صريح في الدخول؟.
ونظيره: عليَّ مِنْ درهم إلى عشرة، أو: ضمنت مالك على فلان من درهم إلى عشرة قيل: يلزمه عشرة، وهو الصحيح عند البَغَوِيّ، وأبي ﵀.
وقيل: تسعة، وصحّحه العراقيون، والغزالي، والنووي.
وقيل: ثمانية.
الثانية: من شرط المُغَيَّا أن يثبت قبل الغاية، ويتكرر حتى يصل إليها كقولك: سرت من "البصرة" إلى "الكوفة"، فإن السير الذي هو المُغَيَّا ثابت قبل "الكوفة"، ومتكرر في طريقها، وعلى هذا يمتنع أن يكون قوله: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [سورة المائدة: الآية ٦] غاية لغسل اليد؛ لأن غسل اليد إنما يحصل بعد الوصول إلى الإِبطِ، فليس ثابتًا قبل المِرْفَقِ الذي هو الغاية، فلا تنتظم غاية له.
نعم: لو قيل: اغسلوا إلى المرافق ولم يقل: أيديكم انتظم؛ لأن مطلق الغسل ثابت [ومتكرر](٣).
قال بعض الحنفية: فنعيّن أن يكون المُغَيَّا غير الغسل، أو يكون التقدير: اتركوا من آباطِكُمْ إلى المرافق، فيكون مطلق الترك بيانًا قبل المرفق ومتكررًا إليه، ويكون الغسل بعينه
(١) سقط في ج. (٢) في ج: لإفادة. (٣) في أ، ج: ويتكرر.