والآخر متنازع فيه بينهما، فإذا أراد أن يثبته في الفرع قياسًا على الأصل، فيقول المعترض: يجب التسوية بينهما في الفرع بالقياس على الأصل، ويلزم من وجوب التَّسوية في الفرع عدم ثبوته فيه، كقولهم في طلاق المُكْرَه: مكلّف مَالِكٌ للطلاق، فيقع طلاقه كالمختار، فيقول: فيستوى بين إقراره وإيقاعه كالمختار، ويلزم من هذا ألا يقع طلاقه؛ لأنَّهُ إذا ثبت المُسَاواة بين الإقرار والإيقاع، وكان الإقرار غير معتبر بالاتِّفَاق، كان الإيقاع - أيضًا - غير معتبر.
وكقولهم في نِيَّةِ الوضوء: طَهَارة بالماء، فلا تفتقر إلى النية، كإزالة النجاسة، فذهب الشيخ أبو إسحاق الشِّيرَازي والأكثر إلى قبوله أيضًا، وذهب القاضي أبو بكر وابن السَّمْعَاني وطائفة ممن قبل أصل القَلْب، إلى رَدّه؛ لأنَّهُ لا يمكن التصريح فيه بحكم العلّة، فإن الحاصل في الأصل نفي، وفي الفرع إثبات؛ ألا ترى المستدل يعتبر الوصفين في الأصل، [والمعترض](١) لا يعتبرهما بمقتضى القلب؟
والأول هو المختار؛ فإن القياس على الأصل إنما هو من حيث عدم الاختلاف، وهو ثابت فيه، فلا يضر كونه في الأصل الصحة، وفي الفرع عدمها؛ إذ هذا الاختلاف غير مُنَافٍ لأصل الاستواء الذي جعل جامعًا.