= ربا، والحنطة بالحنطة مثلًا بمثلٍ يدًا بيد، والفضل ربا، والملح بالملح مثلًا بمثل يدًا بيد والفضل ربا، والشعير بالشعير مثلًا بمثل يدًا بيد والفضل ربا، والتمر بالتمر مثلًا بمثلٍ يدًا بيد والفضل ربا" وهذا حديث مشهور تلقاه العلماء بالقبول والعمل به، ومثله حجة في الأحكام ومداره على أربعة من الصحابة رضوان الله عليهم وهم عمر بن الخطاب وعبادة بن الصامت ومعاوية بن أبي سفيان وأبو سعيد الخدري مع اختلاف ألفاظهم. ووجه الدلالة فيه: أن قوله ﷺ: "مثلًا بمثلٍ" يدل بمفهومه على أن الزيادة لا تحل، سواء أكانت حالة أو مؤجلة، ثم تأكد هذا المعنى بتصريحه ﵊ بقوله: "والفضل ربا" فصار ربا الفضل مندرجًا تحت أنواع الرِّبا. وقد حرم الله الرِّبا في كتابه فكان هذا حرامًا. ومثل ذلك ما جاء في بعض الروايات من قوله ﷺ: "فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أرْبَى" وهذا نص في الموضوع. دليل المروي عن ابن عباس ومن معه: استدلّ لهم الفخر الرازي بما يأتي: أولًا: بالكتاب: وهو قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ ووجه الدلالة فيه أن لفظ البيع عام يتناول بيع الدرهم بالدرهمين، والربا خاص بربا النسيئة الذي كان مشهورًا في الجاهلية. والحديث عنده خبر آحاد لا ينهض مخصصًا للآية. ثانيًا: بالسنة: وهي حديث أسامة عند الشيخين وغيرهما بلفظ: "إِنما الرِّبا في النسيئة" وزاد مسلم عن ابن عباس: "لا رِبَا فِيمَا كانَ يَدًا بيدٍ" وأخرج الشيخان عن أبي المنهال "قال: سألت زيد بن أرقم والبراء بن عازب عن الصرف فقالا: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالورق دينًا" ووجه الدلالة في هذه الأحاديث: أن الرواية الأولى قد قصرت الرِّبا المحرم على ربا النسيئة فقط. والرواية الثانية نصت على نفي الرِّبا عما إِذا كان يدًا بيد. أما الرواية الثالثة فقد صرحت بأن النهي عن الرِّبا في حالة الدين فقط، ويؤخذ منه بطريق المفهوم إِباحته عند المنجزة. وقد ناقش الجمهور أدلة المنسوب إِلى ابن عباس ومن معه بعدة مناقشات منها: ١ - لا نسلم أن لفظ الرِّبا في الآية خاص؛ بل عام أيضًا، فكلما أحلت الآية كلّ بيع إِلا ما أخرجه الدليل حرمت كلّ ربا كذلك، ولا شك أن في ربا الفضل زيادة كربا النسيئة، بل هي فيه أوضح. ولذا سماه النبيّ ﷺ ربا بقوله: "فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى" فيكون مشمولًا بالآية. ٢ - لو سلمنا أن لفظ الرِّبا خاص بربا النسيئة، فقد ألحقت السنة المشهورة به ربا الفضل، وليس صحيحًا كون الحديث خبر آحاد - كما يقول الرازي - بل هو مشهور يصح الاحتجاج به في الأحكام، وتجوز الزيادة به على الكتاب عند الحنفية. ٣ - وأما رواية مسلم عن ابن عباس فموقوفة عليه.