للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وللمناظر أن يقول: هب أن ما أبديته أرجح، ولكن لم يتعارضان ويتناظران؟

والثاني: وهو أن يكون البحث لِبُطْلان الآخر، فبطلانه لا جائز أن يكون لكونه غير مناسب مخيل؛ إِذ الفرض أنه مناسب مخيل، ولولاه لما وقع التَّعَارض، فما بقي إِلا لأن يكون لأن مجرد إِبداء وصف أنسب منه يخرجه عن الاعتبار؛ لعدم جواز تعدُّد الأوصاف.

هذا منتهى الوجه وغايته، وقد تضمن أمورًا:

أحدها: إِجماع القياسيين على اتِّحَاد علّة الرِّبا. والثاني: تطلبهم الترجيح، وتعصبهم فيه.

والثالث: أن الترجيح إِنما يكون بين صحيحين لو انفرد كلّ منهما لعمل به.

والرابع: أنّ كلا من علل الرِّبا صحيح [مناسب] (١) لو لم يلح للمجتهد سواه لعمل به.

وقد أجيب عن هذا الدليل بأوجه:

أحدها: وهو ما ارتضاه إِمام الحرمين في "البرهان"، و"الأساليب" - منع وقوع الإِجماع، وتبين سَنَد المنع يتوقّف على معرفة قاعدته في الربويات، فنقول: حاصل رأيه الميل إِلى اتباع النص، وإِثبات الرِّبا في كلّ مَطْعُوم بقوله : "لا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ".

قال: وأما [النَّقْدَان] (٢) فمنصوصان، وتحريمهما غير متعدّ، فلا ضرورة تحوج إِلى ادعاء علّة قاصرة، وحينئذٍ فالإِجماع على اتّحاد العلّة إِنما هو من القائلين بالتعليل في هذه المسألة، وقد وضح أن الأمة كلها لم تقل بالتعليل، بل منهم من أجرى مورد النَّص مورد التعبد، وقال في قوله : "لا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ": إِنه في حكم اللَّقب؛ لعدم صلاحية الطّعم للعلية، وعلية الطّعم لا تثبت بانتفاء ما عَدَاه من الأوصاف، بل لا بُدّ من إِثبات مناسبته في نفسه، وعلى هذه الطريقة إِمام الحرمين، وإِجماع القياسيين مع مُخَالفة بعض المجتهدين ليس بإِجماع، وهذا معنى قوله في "البرهان" أولًا: إِجماع أهل


(١) في أ، ت، ج: يناسب.
(٢) في ب: التقديران.

<<  <  ج: ص:  >  >>