للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يحتج إِلى بيان تحصيل الحاصل؛ لظهوره، وبيّن استحالة اجتماع المثلين، فإِنه يستلزم التناقض؛ لأن محل التعليل [يعني] (١) الحكم، يكون مستغنيًا عن كلّ واحدة منهما غير مستغن؛ لأنّ حصول الحكم بكلّ واحدة منهما يوجب الاستغناء عن الأخرى.

واعترضه بعض الشَّارحين: بأن الجمع بين المِثْلَيْن لا اختصاص له بالمعيّة، ولا تحصيل الحاصل بالترتيب؛ إِذ لو حصلت العلّتان معًا، أو ترتيبًا، فإِن كان تأثير الكلّ في واحد معيّن، كان تحصيل الحاصل، وإِن كان في غيره لزم اجتماع المثلين.

وزيّفه شيخنا شمس الدِّين الأَصْفهاني بأن اختصاص تحصيل الحاصل بالترتيب [ظاهر] (٢)؛ لأنّ العلّتين إِذا حصلتا معًا، كان فعلهما أيضًا معًا، فلا يتصوّر تحصيل الحاصل في فعل واحد منهما؛ لأن تحصيل الحاصل إِنما يتصور إِذا حصل شيء بعد حصوله مرة أخرى.

قال: وأما اجتماع المِثْلين، وإِن كان لا اختصاص له بالمعيّة، إِلا أنه لما كان الترتيب مستلزمًا لتحصيل الحاصل، وتحصيل الحاصل أظهر فسادًا من اجتماع المِثْلين، لم يتعرض في التَّرْتيب لاجتماع المثلين، بل بين استلزامه لما هو أظهر فسادًا منه.

ثم قال المعترض: ولم يحتج في لزوم الاستغناء وعدمه إِلى توسُّط الجمع بين المِثْلَيْن، وهذا حقّ.

وقد أجاب في الكتاب عن هذا الوجه بقوله: "قلنا": اجتماع المِثْلَين، أو تحصيل الحاصل إِنما يلزم من العلّتين المستقلتين "في العلل العقليّة" المفيدة لوجود المعلول. "فأما" في العلل الشرعية التي هي دلائل الأحكام، فلا؛ ولأنها "مدلول الدليلين، فلا" بعد، ولا امتناع في دليلين على مدلول واحدٍ.

وفي هذا الجواب من النَّظر ما قدمناه؛ فإِن المعترض يقول: إِن فسرت العلّة التي فيها نتحدث بـ "المعرف"، فلا نسلم جواز اجتماع دليلين لشخص واحد، وهو محل النزاع، أو الباعثِ، فالفرق بين الدَّليلين والباعثين قائم، ولو أن المصنّف أجاب هنا بأن قولكم: العلّة


(١) في أ: معنى.
(٢) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>