والظاهرُ أنَّ ذِكر فاطمة - رضي الله عنها - دون غيرها؛ لأنها أفضل نساء زمانها، فهي غايةٌ (١) في النساء لا شيءَ بعدها، فلا يحصل تأكيد المبالغة إلا بذكرِها، وانضمَّ إلى هذا أنها عضوٌ من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك فلم يحمله ذلك على محاباتها في الحقِّ.
وفيها شيء آخر وهو: أنها مشارِكةً لهذه المرأة في الاسم، فينتقل اللفظُ والذِّهْنُ من إحداهما إلى الأخرى، وإن تبايَن ما بين المحَلَّيْن). (٢)
قلتُ: وثَمَّةَ احتِمَالٌ أراه قريباً، وهو:
أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذكر فاطمة مع وجود أم كلثوم ـ دون رقية وزينب لأنهما توفيا قَبلُ ـ، كما ذكرها من قبل في «مكة» لما نادى على الصفا ... ـ في حياة جميعِ بناته ـ؛ والسبب في تخصيصها؛ لأنها أصغرُ أولاده؛ وللصغيرِ شَفَقةٌ ورَحمةٌ خاصة، وربما كان ذلك من عادة العرب في تخصيص الصغيرِ من الأولاد، في مثل هذه المواقف ـ والله أعلم ـ.
فإن صحَّ هذا الاحتمال فهو مما يُقوِّي القول المرجَّح سابقاً أنَّ فاطِمةَ أصغرُ بناتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ـ وهو قول الجمهور كما سبق ـ والله أعلم.
(١) في المطبوع «عائشة»، والتصحيح من ط. دار ابن الجوزي (٦/ ٢٨٤). (٢) «طرح التثريب» للعراقي وابنه أحمد (٨/ ٣٥ ـ ٣٦).