ولأنه لم يبقَ من بنَاتِه حينئذٍ غيرُها (١)، فأراد المبالغة في إثبات إقامةِ الحَدِّ على كلِّ مُكلَّفٍ، وتَركِ المحابَاةِ في ذلك؛ ولأن اسم السارقة وافَقَ اسمَها - عليها السلام -؛ فناسَب أن يَضرِبَ المثلَ بها). (٢)
قال أبو زرعة أحمد ابن العراقي - رحمه الله -: (فيه مبالغةٌ في النهيِّ عن المحاباة في حدودِ الله تعالى، وإنْ فُرِضَت في أبعد الناس من الوقوع فيها، وقد قال الليث بنُ سعد - رحمه الله - بعد روايته لهذا الحديث:«وقد أعاذها الله من ذلك» أي: حفظها من الوقوع في ذلك وحماها منه؛ إذْ هي بضعة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كقوله تعالى {(٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ} ... (سورة الحاقة، آية ٤٤) إلى آخر الآية، وهو معصوم من ذلك.
وقد سمعنا أشياخنا - رحمهم الله - عند قراءة هذا الحديث يقولون: أعاذها الله من ذلك.
وبلَغَنا عن الإمام الشافعي - رحمه الله - أنه لم ينطق هذا اللفظ إعظاماً لفاطمة - رضي الله عنها -، وإجلالاً لمحلِّها، وإنما قال: فذكر عضواً شريفاً من امرأة
(١) يُشكل عليه أنَّ أم كلثوم - رضي الله عنها - توفيت في شعبان، سنة (٩ هـ)، كما في ترجمتها: «سير أعلام النبلاء» (٢/ ٢٥٣)، «الإصابة» (٨/ ٤٦٠)، والمرأة المخزومية سَرقَت عام الفتح (٨ هـ). (٢) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (١٢/ ٩٥).