هذه ثلاث عبادات قلبية، والمقصود بالرغبة: الميل للوصول إلى المقصود.
وأما الرهبة: فإنها نوع من الخوف، وقد عرفها ابن القيم بأنها:"
الإمعان في الهرب من المكروه" (١).
وأما الخشوع: فهو الخضوع والضراعة والهبوط كما قال الله ﷿ ﴿تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً﴾ [فصلت: ٣٩]؛ أي: مطمئنة وهامدة وساكنة ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [فصلت: ٣٩]، فالمقصود بالخشوع الذل والتطامن، والخشوع الشرعي: هو الذل والتطامن لله ﷿؛ فلذلك كان عبادة.
وقد جمع هذه المقامات الثلاث قول الله ﷿ عن جملة من أنبيائه من المصطفين الأخيار الذين ذكرهم الله-﷾ في سورة الأنبياء: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء: ٩٠]. وقال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]، هؤلاء هم المثل، هم النماذج، هم الأسوة الحسنة التي ينبغي للبشرية أن تنسج على منوالها؛ لا أن يُعظم بعض القاصرين الناقصين ويمجدون ويوصفون بالكملة، الكملة حقًا من عباد الله هم أنبياء الله تعالى ومن سار على طريقهم، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [الأنبياء: ٩٠]؛ أي أنهم لا يقتصرون على فعل الخيرات؛ بل فوق ذلك يسارعون فيها، وذلك أن الإيمان إذا حل في القلب كان كالوقود الباعث الذي يدفع صاحبه حثيثًا للوصول إلى مقصوده؛ فلذا تجد